April 25, 2015

نَدبات الحياة


كنت بأقضي يومين استجمام مع عيلتي على البحر في مكان مُحبَّب لينا، وقررت قبل ما أروح أشتري طيارة ورق زي اللي كان بابا بيعملهالي زمان وكنت بأحاول أتعلّم منه أعملها إزاي... المهم المرة دي برضه بابا هو اللي جابهالي :) رُحت وطيَّرت الطيارة وكانت من الأمور اللي بَاسمّيها "المُبهجات الصغيرة"، بس وأنا بأطيَّرها الخيط بتاعها لفّ على صباعي عوَّرني، عارفة إنه مش حَدَث كبير، بس النهاردة الضهر لمَحت أثر التعويرة بس افتكرت الوقت اللي قضيته واستمتعت بيه وأنا بأطيَّرها، وافتكرت اللي بيحصل في حياتنا طول الوقت تقريباً..
افتكرت جروح يمكن آثارها/نَدباتها يكون لسة موجود حتى بعد وقت طويل، يمكن جروح من أصدقاء أو أحباب أو خير قدمته واتقابل بشر، يمكن خطط حطيتها وماكملِتش وغيرها من أمور كتيرة معظمنا، إن ما كانش كلنا، عدّى بيها.. بس الحقيقة إني لمّا بأرجع وأبُص على كل ده بأتعلّم، بس مش بأندم، لأن النَدبات دي لو بتتكلم هاتقول: هنا فيه حياة... هاتقول إنها دليل إني عرفت أحب وعرفت أعمل صداقات وعرفت أقدم خير وحاولت أخطط وحتى لما قابلت حاجات تزعَّل زعلت للآخر لأنه حقي، ولمّا مرّيت بحاجات تفرَّح فرحت للآخر... عِشت حياتي للآخر!

من يومين دار حوار بيني وبين شخص عزيز حوالين "نخاطر في الحياة والّا لأ؟!" وكان رأيي إن الخناقة في حياتنا معظم الوقت بتكون ما بين "الخوف والحب لأي حد/الشغف لأي حاجة": أسافر لوحدي عشان أحقق حلم في دراسة أو شغل وأجازف وأبعد عن عيلتي وأصحابي شوية والّا أفضل في دايرة راحتي واللي اتعوّدت عليه؟! أعمل أصدقاء تاني وأجرَّب أحكي اللي جوايا تاني والّا ماادّيش أمان عشان أصدقاء زمان باعوني؟! أحب وأدّي فرصة لمشاعري تتحرك تاني والّا لأ، عشان اتجرحت مرة قبل كده؟! 
أثور وأرفض تاني الفساد والّا خلاص مافيش فايدة وخلّينا ساكتين أحسن، ما إحنا حاولنا قبل كده وفشلنا؟!
من حقك ومن حقي ومن الحكمة نتعلّم دروس من خبراتنا اللي عدت، لكن وإنت ووإنتِ بتحسبوها للدخول في تجربة جديدة، زوّدوا في معطيات الحِسبة إن في كل الأحوال حتى مع جميع الحسابات الممكنة إحنا بشر محدودين ومش مسيطرين على كل مجريات الأمور في الحياة.. زوّدوا في المعطيات إن الحياة بتبقى حياة لمّأ تتعاش للآخر.. زوّدوا في المعطيات إننا مرات هاننجح ومرات تاني هانفشل، بس في الحالتين النتيجة بتقول: هنا "جوة الشخص ده" فيه حياة..

المرة الجاية لمّا أسافر مش هأشتري الطيارة، هَعملها بإيدي مع بابا زي زمان، وهَفتكر اللحظات المبهجة اللي قضيتها وأنا بَاطيَّرها، وأتمنى أعيشها تاني :)